mercredi 25 juin 2008

بداية اللعبة





من الصعب أن تهدم الماضي لتعيد بنائه، فمن يدريك أن الوقت سانح ، و من يضمن أنك لن تعيد نفس الحماقات بنفس الترتيب الزمني و الأبجدي، ، قبل سنة و نصف إلتقيت صدفة أحد عشاقي السابقين ، قد أحدثكم عنه لاحقا، و بعد حديث هادئ صاحبه شروده و أنفاسه المسموعة الصادقة أو المفتعلة !! و مع أني كنت حريصة على النظر إلى وجهه و عينيه مباشرة لأرى ما الذي غيره غيابي فيه ، و مع ذالك لم أفهم مغزى زفراته تلك إلى أن قال:" " لو أمكن أن نعود للماضي ما الذي ستغيرينه فيه ؟
أجبته على الفور:" لن أغير شيء ، سأبقيه على ما هو عليه، لأني لا أجزم بنتيجة أي تعديل فيه، لعلي سأكون أكثر جرأة على الصدق، لو أعيد الماضي إليَّ،َ."
إفترقنا بعد أن أعطاني رقمه !! لكن بمجرد أن غاب مسحته من هاتفي ، ليس لأنه لا يمكن أن أتتقهقر لأعيش في الماضي مهما كان شكل تفاصيله، و لكن لأني آمنت بالحاضر و باللحظة، و دفنت الماضي منذ سمعت صرخة إبني و هو يُخرج رأسه للعالم بين فخدي ، لو كانت بي رغبة في الماضي لما سمحت له أن يكون ماضيا ، لتمردت على الزمن!
نــعم التمرد؛ كم تسكنني تلك الكلمة ، كأنشودة ربيع لا تنفك تراودني ، لكن على ماذا سأتمرد الآن؟ آعلى هذا الماضي الذي سقاني علقمه و بعد كل هذه السنين صيرني أسيرة لذكراه، و يُصرُّ على الهدير بأعماقي كلما جالست نفسي ، كم أخاف الإقتراب منه و إقترابه مني.

إن صح أني دفنت الماضي كما أدعي، و أني أعشق الحياة في عيون إبني، فلما أصر الآن
و سلفا على العودة لهذا الماضي؟ و النبش في دهاليزه ليس كمؤرخة تريد أن تُخَلِّدَهُ و تريد أن تمسح الغبش عنه كما يوصي د. ياسر ، و ليس كنبَّاشة قبور تريد أن تتأكد أن الميت لازال ميتا أو أنها لم تدفن الحي خطأ، لكن كإمرأة عادية جدا تهوى ترتيب الخزائن من حين لآخر، و تعرض المحتويات للأشعة الشمس كي لا تصيبها الرطوبة و العفن و يعجل بتلفها، صحيح أنها ذكرى لم تعد صالحة حتى لإستعمال الشخصي، لكنها تحتفظ بها لمجرد الذكرى ، أو للأنها تستقبح فكرة أن يتأكلها النسيان في غفلة منها .

كلما هممت بالسرد أجد الذاكرة تمارس رقابة و إنتقاء نوعي ؛ فتحجب أكثر مما تجلي
حتى ذاكرتي لا تنفك تمارس إرهابها عليَّ ، تمنعني من التفاصيل التي أريد، و تغدق علي بتفاصيل أخرى لا يعنيني تذكرها في شيء ، تضخم الأحداث القريبة و تقزم الأحداث البعيد.
لكني لا أحب أن يملي عليَّ أحد قراراته ، حتى لو كان هذا الأحد ذاكرتي ، و أنا المغمورة فيها ، بقيت أحفر للأيام و ليالي متواصلات لأصل لأول لقاء بالرجل، متى و من كان؟

كان طيف من بعيد لا أتذكر له وجه بالكاد أبصر شبحه الهيولاني ، لم يكن رجل كان طفل في مثل سني حينها، ثلاث أو أربع سنوات على أقصى تقدير، كان الوقت صيفا بالتأكيد لأني أذكر أننا كنا نراقب الناس و هم يحصدون سنابل القمح في الحقول خارجة القبلية، كنا خلف جدار بيت مهدوم، لا أذكر كثيرا عن ذالك اليوم سوى رائحة التراب الطيني التي تسربت إلى أنفي و نحن نلعب لعبة تسليت د إسلي/ العروسة و العريس ، و شيئه الصغير يلامسني بعد أن إنبطحت لنفعل مثل أباه و أمه كما يقول، أم أمي و أبي فلم أتصور حينها أنهما يفعلن مثل ذالك !
ربما كانت تلك أول مرة أرى فيها مشروع رجل عاري ، لم نكن وحدنا في خلاء ذاك البيت المهدوم ، كنا رفقة أطفال أخرين يلعبون بأمكان أخرى من ذاك البيت، لا أذكر هل كانوا هم أيضا يلعبون نفس لعبتنا !؟

mercredi 18 juin 2008

حين يصحو الماضي فينا




لا أدري إن كانوا سيعرجون على ذكراي كما أفعل الآن ، لا أدري هل ألحت صورتي على أحدهم إذما جفاه النوم و تقلب في فراغ السرير ، ليفتش في جسده، في ذاكرته، في قلبه بين أصابعه عن بقايا أيام ضمتنا معا، كما أفعل الآن ! أم أنني لم أكون سوى ذكرى مراهقة متقدمة أو متأخرة في حياتهم، تتعبني ذكراهم فأقررا بعد طول عناد أن أفضحها و أفضحني هنا؛ كان الأجدى أن أسمي الصفحة فضائح شامة الروداني.
يستفزن ي من يتبجح بذكرى الحب الأول، ليس لأني لا أومن بالرتب في الحب ، و لكن لأن كل قصة حب عشتها و أعيشها هي حب أول يُكَفِرُّ ما قبله، يسرق بريق سابقه لكنه لا يمحوه أبدا ، أفتخر بماضيّ مهما كان عاهرا أو طاهرا، و أسخر من دماغ الرجل الشرقي الذي لم يستوعبني يوما مهما أوتي من مهارات، لدى أستغبيه غالبا و أنا أجيبه بالإيجاب عن سؤاله : إن كان أول رجل في حياتي ؛ أديت معه دور غبية خجولة ، لا تقوى على منح مشاعريها الشرعية التي يسلبها منها الأخرين فأجيب دوما بأنه أول حب في حياتي و في قراراتي أردد :" رغم أنك لا تختلف عن باقي الأغبياء ، إلا أنني لن أتردد في منحك بعض الثقة الزائدة لتنتشي بوهم الحبيب الأول، و سترى و سأرى متى أمل منك و أنفضك كغبار السجاد أو أصفعك مثل الذين سبقوك لتبتعد محسورا مدحورا ينهش الإستغراب رأسك الأحمق؛ لأنك لم تعلم سببا لزهدي عنك، قد لن أصفعك حقيقةً لأني أعلم وقاحتك في الرد عليها ؛ لكني سأفعل ما لن يخطر لك على البال، سأغرز فيك مركب نقص لن تشفى منه أبدا، لتصاب بالعجز عن الحب مدى الحياة . قابلت أشكال مختلفة من الرجال و مع كل واحد أتشكل كعجين رخو ؛ لأوهمه بأنني ما خلقت إلا له، و ما إن أكتفي من اللعبة؛ حتى أرحل دون وداع .
بعد كل تلك السنين التي تفصلني عن ذاك الزمان، أنظر إلى إبني ياسر و هو نائم يحتضن الوسادة في سلام، و أخاف أن تأتي فتاة متعجرفة أنانية مثلما كنت ؛ لتسبب له الألم و ترحل و هي لا تخفي ضحكة شامة تفضح عقد ها التاريخية، مثل تللك التي أصابتني ذات عمر مع ذات رجال فرقتنا الأيام و الحمقات ، تشاكسني ذكراهم الآن، و ألم ما مضى يفجر رأسي و يخنق وحدتي، و معالجي لا يرى لي حلا سواى أن أصالح الماضي لأحتمل العيش معه و بعده، و أسامح نفسي قبل أن أطلبها من أحد، لا أدري كيف أتصالح ؟ لكن لا وسيلة لدي سوى هذه الأوراق ، و هذا الفضاء ،و هذا الحلم بأن يكون حظ ياسر في الحب أفضل من حظ أمه العاثر.....
ماذا يقع حين يصحو الماضي فيك بشكل فجائي و دون سابق موعد؟ ليذكرك بالزمن المنسي و بالوجوه المنسية؟ آلن تحس و كأن ذاكرتك صارت بها كوة كبيرة يتسرب منها كل شيء ؛ لتصبح مدان أمام مرآة حمامك و أمام عيونٍ لا تحب في هذا الكون سواها ؟ هل ستفكر أن تغلق عليك الغُرَف كي توقف فضح ما بقي مدفون فيك أم تناصر الذاكرة المثقوبة و تمنحها قلم إضافي و فم إضافي و بوقا إضافي و تهدهدها قائلا:" إسترجعي و ليقع ما يقع لن أخسر أكثر مما خسرت "،؟؟
سأفطح كل شيء هنا حين أستجمع شيء من الجراءة و الوقاحة لأعريهم كما عروني يوما.